الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.تَنْبِيهٌ: قَدْ يَشْتَبِهُ الْحَالُ فِي أَمْرِ الْمَحْذُوفِ وَعَدَمِهِ لِعَدَمِ تَحْصِيلِ مَعْنَى الْفِعْلِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} فَإِنَّهُ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى النِّدَاءِ فَلَا يُقَدَّرُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ إِنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ أَوْ عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا الدُّعَاءُ هُنَا بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ الَّتِي تَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ أَيْ سموه الله أو الرحمن.قد يَشْتَبِهُ فِي تَعْيِينِ الْمَحْذُوفِ لِقِيَامِ قَرِينَتَيْنِ كَقَوْلِهِ تعالى: {بلى قادرين} قدره سيبويه بـ: (بلى نجمعها قادرين)، فقادرين حال وحذف الفعل لدلالة: {ألن نجمع} عَلَيْهِ.وَقَدَّرَهُ الْفَرَّاءُ (نَحْسَبُ) لِدَلَالَةِ {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ} أَيْ بَلَى نَحْسَبُنَا قَادِرِينَ.وَتَقْدِيرُ سِيبَوَيْهِ أَوْلَى لِأَنَّ بَلَى لَيْسَ جَوَابًا لـ: (يحسب) إنما هو جواب لـ: (ألن نَجْمَعَ) وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ: بَلَى نَقْدِرُ قَادِرِينَ.وَقِيلَ: مَنْصُوبٌ لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْفِعْلِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَوَاصِبِ الِاسْمِ وُقُوعُهُ مَوْقِعَ الْفِعْلِ..تَنْبِيهٌ آخَرُ: إِنَّ الْحَذْفَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَلَّا يُقَامَ شَيْءٌ مَقَامَ الْمَحْذُوفِ كَمَا سَبَقَ وَالثَّانِي: أَنْ يُقَامَ مَقَامُهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أرسلت به إليكم}، لَيْسَ الْإِبْلَاغُ هُوَ الْجَوَابَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى قَوْلِهِمْ، فَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَلَا مَلَامَ عَلَيَّ لِأَنِّي قد أَبْلَغْتُكُمْ.وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ من قبلك} فَلَا تَحْزَنْ وَاصْبِرْ.وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مضت سنت الأولين} أَيْ يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ الْأَوَّلِينَ..حَذْفُ الْحَرْفِ: قَالَ أَبُو الْفَتْحِ فِي (الْمُحْتَسِبِ): أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ السَّرَّاجِ: حَذْفُ الْحَرْفِ لَيْسَ يُقَاسُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَرْفَ نائب عن الفعل بفاعله ألاتراك إِذَا قُلْتَ: مَا قَامَ زَيْدٌ فَقَدْ نَابَتْ مَا عَنْ أَنْفِي كَمَا نَابَتْ إِلَّا عَنْ أَسْتَثْنِي وَكَمَا نَابَتِ الْهَمْزَةُ وَهَلْ عَنْ أَسْتَفْهِمُ وَكَمَا نَابَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ عَنْ أَعْطِفُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَلَوْ ذَهَبْتَ تَحْذِفُ الْحَرْفَ لَكَانَ ذَلِكَ اخْتِصَارًا وَاخْتِصَارُ الْمُخْتَصَرِ إجحاف به إلا إِذَا صَحَّ التَّوَجُّهُ إِلَيْهِ وَقَدْ جَازَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ حَذْفُهُ لِقُوَّةِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. انْتَهَى.فَمِنْهُ الْوَاوُ تُحْذَفُ لِقَصْدِ الْبَلَاغَةِ فَإِنَّ فِي إِثْبَاتِهَا مَا يَقْتَضِي تَغَايُرَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَإِذَا حُذِفَتْ أشعر بأن الكل كالواحد: كقوله تعالى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أكبر} تَقْدِيرُهُ: وَلَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا.وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يومئذ ناعمة} أَيْ وَوُجُوهٌ.وَخَرَّجَ عَلَيْهِ الْفَارِسِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا} الْآيَةَ. وَقَالَ: تَقْدِيرُهُ: (وَقُلْتَ لَا أَجِدُ) فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: (أَتَوْكَ) لِأَنَّ جَوَابَ (إِذَا) قَوْلُهُ: (تَوَلَّوْا).وَمَنَعَهُ ابْنُ الشَّجَرِيِّ فِي أَمَالِيهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الصِّلَةِ وَالصِّلَةُ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ فَكَذَلِكَ مَا عُطِفَ عَلَيْهَا.وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ حَالٌ مِنَ الْكَافِ فِي (أتوك)، (وقد) قَبْلَهُ مُضْمَرَةٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {أَوْ جَاءُوكُمْ حصرت صدورهم} أَيْ إِذَا مَا أَتَوْكَ قَائِلًا لَا أَجِدُ تَوَلَّوْا وَعَلَى هَذَا فَلَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهُ حَالٌ.قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي أَمَالِيهِ: لَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ كَمَا قَالُوا لِأَنَّ رَفْعَ الْحَرَجِ عَنِ الْقَوْمِ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِالْبُكَاءِ عِنْدَ التَّوَلِّي وإنما شرطه عدم الجدة ونزلت في السبعة الذين سمى أبو إِسْحَاقَ وَلَوْ كَانَ جَوَابُ (إِذَا أَتَوْكَ) فِي قوله: {تولوا وأعينهم تفيض} لَكَانَ مَنْ لَمْ تُفِضْ عَيْنَاهُ مِنَ الدَّمْعِ هُوَ الَّذِي حَرِجَ وَأَثِمَ وَمَا رَفَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ عَنْهُمْ إِلَّا لِأَنَّ الرَّسُولَ.لَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ وَإِذَا عَطَفْتَ (قُلْتَ لَا أَجِدُ) عَلَى (أَتَوْكَ) كَانَ الْحَرَجُ غَيْرَ مَرْفُوعٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُقَالَ: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ} فَجَوَابُ إِذَا فِي قَوْلِهِ لَا أَجِدُ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ خَبَرٌ وَنَبَأٌ عَلَى هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ كَانُوا سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فَفَضِيلَةُ الْبُكَاءِ مَخْصُوصَةٌ بِهِمْ وَرَفْعُ الْحَرَجِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْجِدَةِ عَامٌّ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ.وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ في قوله تعالى: {قالوا اتخذ الله ولدا}: آيَةُ الْبَقَرَةِ فِي مَصَاحِفِ الشَّامِ بِغَيْرِ وَاوٍ- يَعْنِي قِرَاءَةَ ابْنِ عَامِرٍ- لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُلَابِسَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلُهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} لِأَنَّ الْقَائِلِينَ: (اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ فَيُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْوَاوِ لِالْتِبَاسِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا كَمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا فِي نحو قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هم فيها خالدون}، وَلَوْ كَانَ وَهُمْ كَانَ حَسَنًا إِلَّا أَنَّ الْتِبَاسَ إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى وَارْتِبَاطَهَا بِهَا أَغْنَى عن الواو.ومثله: {سيقولون ثلاثة رابعهم} وَلَمْ يَقُلْ: وَرَابِعُهُمْ كَمَا قَالَ: {وَثَامِنُهُمْ} وَلَوْ حُذِفَ الْوَاوُ مِنْهَا كَمَا حُذِفَ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْوَاوِ بِالْمُلَابَسَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا كَانَ حَسَنًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ الْوَاوِ لِاسْتِئْنَافِ الْجُمْلَةِ وَلَا يُعْطَفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى.وَحَصَلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ عِنْدَ حَذْفِ الْوَاوِ يَجُوزُ أَنْ يُلَاحَظَ مَعْنَى الْعَطْفِ وَيُكْتَفَى لِلرَّبْطِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا بِالْمُلَابَسَةِ كَمَا ذَكَرَ. وَيَجُوزُ أَلَّا يُلَاحَظَ ذَلِكَ فَتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً.قَالَ ابْنُ عَمْرُونٍ: وَحَذْفُ الْوَاوِ فِي الْجُمَلِ أَسْهَلُ مِنْهُ فِي الْمُفْرَدِ وَقَدْ كَثُرَ حَذْفُهَا فِي الْجُمَلِ فِي الْكَلَامِ الْمَحْمُولِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ المشرق والمغرب} كُلُّهُ مَحْمُولٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَالْوَاوُ مَزِيدَةٌ حُذِفَتْ لِاسْتِقْلَالِ الْجُمَلِ بِأَنْفُسِهَا بِخِلَافِ الْمُفْرَدِ وَلِأَنَّهُ فِي الْمُفْرَدِ رُبَّمَا أَوْقَعَ لَبْسًا فِي نَحْوِ: رَأَيْتُ زَيْدًا وَرَجُلًا عَاقِلًا.، وَلَوْ جَازَ حَذْفُ الْوَاوِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا بَدَلًا بِخِلَافِ الْجُمْلَةِ.وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ} أَيْ وَقَالَ.وَمِنْهُ الْفَاءُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَى رَأْيٍ، وَخُرِّجَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} أَيْ فَالْوَصِيَّةُ.وَالْفَاءُ فِي الْعَطْفِ كقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ من الجاهلين}، تَقْدِيرُهُ: (فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ) ذَكَرَهُ ابْنُ الشَّجَرِيِّ فِي أَمَالِيهِ.وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هودا قال يا قوم اعبدوا الله} حُذِفَ حَرْفُ الْعَطْفِ مِنْ قَوْلِهِ: (قَالَ) وَلَمْ يَقُلْ: (فَقَالَ) كَمَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالِ سَائِلٍ قَالَ: مَا قَالَ لَهُمْ هُودٌ؟ فَقِيلَ: قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله واتقوه.وَمِنْهُ حَذْفُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} أَيْ أَهَذَا رَبِّي؟.وَقَوْلِهِ: {وَمَا أَصَابَكَ من سيئة فمن نفسك} أَيْ أَفَمِنْ نَفْسِكَ!.وَقَوْلِهِ: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا علي} أي أو تلك نعمة!.وقوله: {إنك لأنت يُوسُفَ} عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ جَمِيعِهِ.وَمِنْهُ حَذْفُ أَلِفِ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَالْخَبَرِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أنبياء الله} {فيم أنت من ذكراها} {عم يتساءلون} و: {مم خلق}.وَمِنْهُ حَذْفُ الْيَاءِ فِي: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} لِلتَّخْفِيفِ وَرِعَايَةِ الْفَاصِلَةِ.وَمِنْهُ حَذْفُ حَرْفِ النِّدَاءِ، كقوله: {ها أنتم هؤلاء} أي يا هؤلاء.وقوله: {يُوسُفَ} أَيْ يَا يُوسُفُ.وَقَوْلِهِ: {رَبِّ إِنِّي وهن العظم مني واشتعل الرأس} أَيْ يَا رَبِّ.وَيَكْثُرُ فِي الْمُضَافِ نَحْوِ: {فاطر السماوات} {ربنا أنزل علينا مائدة}.وكثر ذلك في نداء الرب سبحانه وَحِكْمَةُ ذَلِكَ دَلَالَتُهُ عَلَى التَّعْظِيمِ وَالتَّنْزِيهِ لِأَنَّ النداء يتشرب معنى الأمر لأن إِذَا قُلْتَ يَا زَيْدُ فَمَعْنَاهُ أَدْعُوكَ يَا زَيْدُ فَحُذِفَتْ يَا مِنْ نِدَاءِ الرَّبِّ لِيَزُولَ معنى الأمر ويتمحص التعظيم والإجلال.وَقَالَ الصَّفَّارُ: يَجُوزُ حَذْفُ حَرْفِ النِّدَاءِ مِنَ الْمُنَادَى إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُنَادَى نَكِرَةً مُقْبَلًا عَلَيْهَا إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا إِذَا كَانَ اسْمَ إِشَارَةٍ.وَمِنْهُ حَذْفُ (لَوْ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بعض} تَقْدِيرُهُ: لَوْ كَانَ مَعَهُ إِلَهٌ لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ.وَقَوْلِهِ: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذا لارتاب المبطلون} مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ.وَمِنْهُ حَذْفُ (قَدْ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} أَيْ وَقَدِ اتَّبَعَكَ لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يَقَعُ مَوْقِعَ الْحَالِ إِلَّا وَ: (قَدْ) مَعَهُ ظَاهِرَةً أَوْ مُقَدَّرَةً.وَمِثْلُهَا: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أمواتا} أَيْ وَقَدْ كُنْتُمْ.وَقَوْلُهُ: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صدورهم} قِيلَ مَعْنَاهُ: (قَدْ حَصِرَتْ) بِدَلَالَةِ قِرَاءَةِ يَعْقُوبَ (حَصِرَةً صُدُورُهُمْ). وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْحَالُ مَحْذُوفَةٌ، وَ: (حُصِرَتْ صُدُورُهُمْ) صِفَتُهَا أَيْ جَاءُوكُمْ يَوْمًا حُصِرَتْ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِأَنْ تُحْصَرَ صُدُورُهُمْ عَنْ قِتَالِهِمْ لقومهم طريقته قَاتَلَهُمُ اللَّهُ. وَرَدَّهُ أَبُو عَلِيٍّ بِقَوْلِهِ أَيْ قَاتَلُوا قَوْمَهُمْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى عَلَيْهِمْ بِأَنْ تُحْصَرَ صُدُورُهُمْ عَنْ قِتَالِهِمْ لِقَوْمِهِمْ لَكِنْ بِقَوْلِ اللَّهُمَّ أَلْقِ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ.وَمِنْهُ حَذْفُ (أَنْ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ البرق خوفا وطمعا}، الْمَعْنَى أَنْ يُرِيَكُمْ.وَحَذْفُ (لَا) فِي قَوْلِهِ: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ} أَيْ لَا تَفْتَأُ لِأَنَّهَا مُلَازِمَةٌ لِلنَّفْيِ وَمَعْنَاهَا لَا تَبْرَحُ.قَوْلُهُ: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أن تميد بكم}، أَيْ لَا تَمِيدُ.وَقَوْلُهُ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تبوء بإثمي وإثمك} أي لا تبوء.وبهذا يَزُولُ الْإِشْكَالُ مِنَ الْآيَةِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فدية}، أي لا يطيقونه على قول..فائدة (في حَذْفُ الْجَارِّ ثُمَّ إِيصَالُ الْفِعْلِ إِلَى الْمَجْرُورِ): كَثُرَ فِي الْقُرْآنِ حَذْفُ الْجَارِّ ثُمَّ إِيصَالُ الْفِعْلِ إِلَى الْمَجْرُورِ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْتَارَ موسى قومه} أي من قومه.{ورفع بعضهم درجات} {ولا تعزموا عقدة النكاح} أَيْ عَلَى عُقْدَةِ.{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}، أَيْ يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {فَلَا تخافوهم}.{ويبغونها عوجا} أي يبغون لها.{والقمر قدرناه} أي قدرنا له.{سنعيدها سيرتها} أي على سيرتها..فصل: (فيما حذف في آية وأثبت في أخرى): مِنَ الْأَنْوَاعِ مَا حُذِفَ فِي آيَةٍ وَأُثْبِتَ فِي أُخْرَى وَهُوَ قِسْمَانِ:أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ما حذف منه محمولا على المذكور كالمطلق في الرقبة في كفارة لظهار مُقَيَّدًا بِالْمُؤْمِنَةِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.وَكَقَوْلِهِ: {وَجَنَّةٍ عرضها السماوات والأرض}، قُيِّدَتْ بِالتَّشْبِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ والملائكة} وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} فَإِنَّ هَذِهِ تَقْتَضِي أَنَّ الْأُولَى عَلَى حَذْفِ مضاف.وَالْقِسْمُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مُرَادًا. فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ: {لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كثيرة ومنها تأكلون} وَفِي الزُّخْرُفِ: {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تأكلون}.وقوله في الْبَقَرَةِ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المفلحون} وَفِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضل أولئك هم الغافلون}.وَحِكْمَتُهُ: أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ الْخَبَرَانِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلِذَلِكَ دَخَلَ الْعَاطِفُ بِخِلَافِ الْخَبَرَيْنِ فِي الْأَعْرَافِ فَإِنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ لِأَنَّ التَّسْجِيلَ عَلَيْهِمْ بِالْغَفْلَةِ وَتَشْبِيهَهُمْ بِالْبَهَائِمِ وَاحِدٌ فَكَانَتِ الْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ مُقَرِّرَةً مَا فِي الْأُولَى فَهِيَ مِنَ الْعَطْفِ بِمَعْزِلٍ.وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْبَقَرَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ كفروا سواء عليهم} وَقَالَ فِي يس: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لم تنذرهم} مَعَ الْعَاطِفِ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ مَا فِي يس وَمَا بَعْدَهُ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى فَاحْتَاجَتْ إِلَى الْعَاطِفِ وَالْجُمْلَةُ هُنَا لَيْسَتْ مَعْطُوفَةً فَهِيَ مِنَ الْعَطْفِ بِمَعْزِلٍ.وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم} فَأَثْبَتَ الْوَاوَ فِي الْأَعْرَافِ وَحَذَفَهَا فِي الْكَهْفِ فقال: {وإن تدعهم إلى الهدى} وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الَّذِي فِي الْأَعْرَافِ خِطَابٌ لجمع وأصله تدعونهم حذفت لِلْجَزْمِ وَالَّتِي فِي الْكَهْفِ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَعَلَامَةُ الْجَزْمِ فِيهِ سُقُوطُ الْوَاوِ.وَمِنْهُ فِي آلِ عِمْرَانَ: {جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ المنير} وفي فاطر: {جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير} والفرق أن الأولى حذفت الباء ففيها للاختصار استغناء بالتي قبلها وخرجت عَنِ الْأَصْلِ لِلتَّوْكِيدِ وَتَقْدِيرُ الْمَعْنَى كَمَا تَقُولُ مَرَرْتُ بِكَ وَبِأَخِيكَ وَبِأَبِيكَ إِذَا اخْتَصَرْتَ.وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ ثَمُودَ: {مَا أَنْتَ إِلَّا بشر مثلنا} وفي قصة شعيب: {وما أنت} بِالْوَاوِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى جَرَى عَلَى انْقِطَاعِ الكلام عند النحويين واستئناف {وما أنت} فَاسْتَغْنَى عَنِ الْوَاوِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنَ الِابْتِدَاءِ وَفِي الثَّانِيَةِ جَرَى فِي الْعَطْفِ وَأَنْ يَكُونَ قوله: {وما أنت} معطوفا على {إنما أنت}.وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يمكرون} وَفِي سُورَةِ النَّمْلِ: {وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ} بِإِثْبَاتِ النُّونِ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْقِصَّةَ لَمَّا طَالَتْ فِي سُورَةِ النَّحْلِ نَاسَبَ التَّخْفِيفُ بِحَذْفِ النُّونِ بِخِلَافِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ فَإِنَّ الْوَاوَ اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا قَبْلَهَا.وَقَوْلُهُ فِي البقرة: {فلا تكونن من الممترين} وَفِي آلِ عِمْرَانَ: {فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْخِطَابَ فِي الْبَقَرَةِ لِلْيَهُودِ وَهُمْ أشد جدالا.ومنه قوله في الأعراف: {لست بربكم قالوا بلى شهدنا} وفي الأنعام: {يا معشر الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شهدنا على أنفسنا}.وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {وَيَقْتُلُونَ النبيين بغير الحق} 1 وفي سورة آل عمران {بغير حق} وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْجُمْلَةَ فِي آلِ عِمْرَانَ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الشَّرْطِ وَهُوَ عَامٌّ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ بِصِيغَةِ التَّنْكِيرِ حَتَّى يَكُونَ عَامًّا وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ جَاءَ عَنْ أُنَاسٍ مَعْهُودِينَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق} فَنَاسَبَ أَنْ يُؤْتَى بِالتَّعْرِيفِ لِأَنَّ الْحَقَّ الَّذِي كَانَ يُسْتَبَاحُ بِهِ قَتْلُ الْأَنْفُسِ عِنْدَهُمْ كَانَ مَعْرُوفًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النفس بالنفس} فَالْحَقُّ هُنَا الَّذِي تُقْتَلُ بِهِ الْأَنْفُسُ مَعْهُودٌ مَعْرُوفٌ بِخِلَافِ مَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.ومنه قوله تعالى في هُودٍ حَاكِيًا عَنْ شُعَيْبٍ {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون} وَأَمَرَ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لِقُرَيْشٍ {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تعلمون}.ويمكن أن يقال لما كررت مراجعته لقوم نَاسَبَ اخْتِصَاصَ قِصَّتِهِ بِالِاسْتِئْنَافِ الَّذِي هُوَ أَبْلَغُ فِي الْإِنْذَارِ وَالْوَعِيدِ وَأَمَّا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ مُدَّةُ إِنْذَارِهِ لِقَوْمِهِ قَصِيرَةً فَعَقَّبَ عَمَلَهُمْ عَلَى مُكَافَأَتِهِمْ بِوَعِيدِهِمْ بِالْفَاءِ إِشَارَةً إِلَى قُرْبِ نُزُولِ الْوَعِيدِ لَهُمْ بِخِلَافِ شُعَيْبٍ فَإِنَّهُ طَالَتْ مُدَّتُهُ فِي قَوْمِهِ فَاسْتَأْنَفَ لَهُمْ ذِكْرَ الْوَعِيدِ.وَلَعَلَّ قَوْمَ شُعَيْبٍ سَأَلُوهُ السُّؤَالَ الْمُتَقَدِّمَ فَأَجَابَهُمْ بِهَذَا الْجَوَابِ وَالْفَاءُ لَا تَحْسُنُ فِيهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ وَلَا يَحْسُنُ مَعَهُ الْحَذْفُ.وَمِنْهُ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أليم}، إلى أن قال: {يغفر لكم ذنوبكم}، وَقَالَ فِي خِطَابِ الْكَافِرِينَ: {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ من ذنوبكم}، {يا قومنا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ من ذنوبكم}.قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ: مَا عَلِمْتُهُ جَاءَ الْخِطَابُ هَكَذَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي خِطَابِ الْكَافِرِينَ وَكَانَ ذَلِكَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخِطَابَيْنِ وَلِئَلَّا يُسَوَّى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْمِيعَادِ.وَاعْتَرَضَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ بِأَنَّ هَذَا التَّبْعِيضَ إِنْ حَصَلَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِ هَذَا الجواب وإن لم يحصل كان هذاالكلام فَاسِدًا.وَقَالَ الشَّيْخُ أَثِيرُ الدِّينِ أَبُو حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ: وَيُقَالُ: مَا فَائِدَةُ الْفَرْقِ فِي الْخِطَابِ وَالْمَعْنَى مُشْتَرَكٌ؟ إِذِ الْكَافِرُ إِذَا آمَنَ وَالْمُؤْمِنُ إِذَا تَابَ مُشْتَرِكَانِ فِي الْغُفْرَانِ وَمَا تخيلت فيه مغفرة بعض الذنوب منالكافر إِذَا هُوَ آمَنَ مَوْجُودٌ فِي الْمُؤْمِنِ إِذَا تَابَ.وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي آخر الكتاب.
|